الفن والموسيقى على مر العصور دايمًا في عملية تطوير. الإنسان بيوصل لتركيبات وقواعد معينة وبيرجع يكسرها عشان يطور من نفسه ويوصل لأفكار جديدة تواكب العصر اللي عايش فيه.

وباستمرار بيكون في صراع في المراحل الانتقالية ما بين كل تطوير بيحصل، وفي كل عصر الصراع ده بيكون حاصل بشكل مختلف، والتعامل معاه ليه شكل مختلف. فمثلا في وقت الفنانة المصرية  أم كلثوم كانت بتعتمد على نظام معين في صناعة الموسيقى بتاعتها وفي العروض، وهو نظام "التخت الشرقي" المعتمد على ألحان محدودة ومكون من 4 عازفين ومغني، وآلات التخت كانت: القانون، العود، البزق، الناي، الدف، الكمان.

في نفس الفترة، يحاول الموسيقار محمد عبد الوهاب إنه يجرب في مساحات مختلفة وجديدة من ناحية الألحان أو الأدوات المستخدمة. ولما حصل تعاون بين عبد الوهاب وأم كلثوم، واللي كان الرئيس الراحل جمال عبد الناصر سبب رئيسي فيه، طور عبد الوهاب الفرقة الموسيقية والألحان اللي بتقدمها "الست"،  وأضاف ليها عنصر الإلكتريك جيتار مع عمر خورشيد، في خطوة شبيهة بتطور الموسيقى الإلكترونية اللي بنعيشه دلوقتي.

التطور ده كان مرفوض في البداية، وبعدين اتقبل وبقى الاندماج معاه سهل، عشان كده المفروض مايكونش فيه خلاف دلوقتي بين الأنواع  الموسيقية المختلفة، لأن التطور مستمر من أول ما الإنسان بدأ صناعة الموسيقي.

كنت شوفت لقاء للموسيقار Hans Zimmer، وهو واحد من أهم المنتجين للموسيقى التصويرية في العالم، ويعتبر من الجيل الأقدم بكثير، لكنه بيستخدم في شغلة الأدوات العصرية، قال Zimmer في اللقاء: "إننا لازم نتقبل الأجيال الجديدة اللي بتصنع موسيقى حتي لو كان فهمهم أو طريقة تعلمهم للموسيقى مختلفة عن الشكل الكلاسيكي". وقت ما سمعته حسيت إن ده المثال اللي مفروض يكون موجود دايمًا.

احنا في مصر دلوقتي بنشوف صراع وخلاف بين 3 أجيال، والمفروض الخلاف ده مايكونش موجود تمامًا. الصراع بين جيل الستينات "حلمي بكر"، وجيل السبعينات والثمانينات "وهو يعتبر جيل الكمبيوتر برضه"، والجيل الصغير الممثل في الموسيقى الإلكترونية والراب والمهرجانات.

من خلال الأمثلة اللي فاتت، بنشوف إن المفروض التلات أجيال دول يكونوا عايشين في تعاون وتناغم، متقبلين بعض بصدر رحب، عشان تنتهي المرحلة الانتقالية دي بتعاونات بين الأجيال المختلفة، ويكون التلات أجيال ليهم تمثيل في أعضاء نقابة الموسيقيين، مش جيل واحد منهم.

زي ما فيه كتابة على الكمبيوتر لازم يفضل الورقة والقلم موجودين. زي ما فيه آلات وعزف على الكمبيوتر لازم الآلات الحقيقية تفضل موجودة ومستخدمة.

المتعة بنحسها لما نشوف تاريخ الفن وتاريخ الإنسان متتابع ومبني فوق بعضه. مينفعش ييجي زمن يمحي اللي قبليه، ولازم الأزمنة كلها تفضل موجودة ويبقى عندنا مساحة نسافر لأي زمن فيهم ونستمتع بيه، سواء كان في الماضي أو المستقبل، لأن كلنا واحد وتاريخنا بيكمل بعضه وبنبنيه مع بعض.